سورة الصافات - تفسير تفسير أبي حيان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


{إلا عباد الله}: استثناء منقطع. لما ذكر شيئاً من أحوال الكفار وعذابهم ذكر شيئاً من أحوال المؤمنين ونعيمهم. و{المخلصين}: صفة مدح، لأن كونهم عباد الله، يلزم منه أن يكونوا مخلصين. ووصف {رزق} بمعلوم، أي عندهم. فقد قرت عيونهم بما يستدر عليهم من الرزق، وبأن شهواتهم تأتيهم بحسبها. وقال الزمخشري: معلوم بخصائص خلق عليها من طيب طعم ورائحة ولذة وحسن منظر. وقيل: معلوم الوقت كقوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً} وعن قتادة: الرزق المعلوم: الجنة. وقوله: {في جنات النعيم} يأباه. انتهى. {فواكه} بدل من {رزق}، وهي ما يتلذذ به ولا يتقوت لحفظ الصحة، يعني أن رزقهم كله فواكه لاستغنائهم عن حفظ الصحة بالأقوات لأنهم أجسام محكمة مخلوقة للأبد، فكل ما يأكلونه فهو على سبيل التلذذ. وقرأ ابن مقسم: مكرمون، بفتح الكاف مشدد الراء.
ذكر أولاً الرزق، وهو ما يتلذذ به الأجسام. وثانياً الإكرام، وهو ما يتلذذ به النفوس، ورزق بإهانة تنكيد. ثم ذكر المحل الذي هم فيه، وهو جنات النعيم. ثم أشرف المحل، وهو السرر. ثم لذة التآنس بأن بعضهم يقابل بعضاً، وهو أتم السرور آنسة. ثم المشروب، وأنهم لا يتناولون ذلك بأنفسهم، بل يطاف عليهم بالكؤوس. ثم وصف ما يطاف عليهم به من الطيب وانتفاء المفاسد. ثم ذكر تمام اللذة الجسمانية، وختم بها كما بدأ باللذة الجسمانية من الرزق، وهي أبلغ الملاذ، وهي التآنس بالنساء.
وقرأ الجمهور: {على سرر}، بضم الراء؛ وأبو السمال: بفتحها، وهي لغة بعض تميم؛ وكلب يفتحون ما كان جمعاً على فعل من المضعف إذا كان اسماً. واختلف النحويون في الصفة، فمنهم من قاسها على الاسم ففتح، فيقول ذلك بفتح اللام على تلك اللغة الثانية في الاسم. ومنهم من خص ذلك بالاسم، وهو مورد السماع في تلك اللغة. وقيل: التقابل لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض. وفي الحديث: «أنه في أحيان ترفع عنهم ستور فينظر بعضهم إلى بعض ولا محالة أن أكثر أحيانهم فيها قصورهم» و{يطاف}: مبني للمفعول وحذف الفاعل، وهو المثبت في آية أخرى في قوله: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون} {ويطوف عليهم غلمان لهم} ولعلهم من مات من أولاد المشركين قبل التكليف. ففي صحيح البخاري أنهم خدم أهل الجنة. والكاس: ما كان من الزجاجة فيه خمر أو نحوه من الأنبذة، ولا يسمى كأساً إلا وفيه ذلك. وقد سمى الخمر نفسها كأساً، تسمية للشيء باسم محله، قال الشاعر:
وكأس شربت على لذة *** وأخرى تداويت منها بها
وقال ابن عباس، والضحاك، والأخفش: كل كأس في القرآن فهو خمر. وقيل: الكأس هيئة مخصوصة في الأواني، وهو كل ما اتسع فمه ولم يكن له مقبض، ولا يراعى كونه لخمر أولاً.
{من معين}: أي من شراب معين، أو من ثمد معين، وهو الجاري على وجه الأرض كما يجري الماء. و{بيضاء}: صفة للكأس أو للخمر. وقال الحسن: خمر الجنة أشد بياضاً من اللبن. وفي قراءة عبد الله: صفراء، كما قال بعض المولدين:
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها *** لو مسها حجر مسته سراء
و {لذة}: صفة بالمصدر على سبيل المبالغة، أو على حذف، أي ذات لذة، أو على تأنيث لذ بمعنى لذيذ. {لا فيها غول}، قال ابن عباس، وقتادة: هو صداع في الرأس. وقال ابن عباس أيضاً، ومجاهد، وابن زيد: وجع في البطن. انتهى. والاسم يشمل أنواع الفساد الناشئة عن شرب الخمر، فينتفي جميعها من مغص، وصداع، وخمار، وعربدة، ولغو، وتأثيم، ونحو ذلك. ولما كان السكر أعظم مفاسدها، أفرده بالذكر فقال؛ {ولا هم ينزفون}. وقرأ الحرميان، والعربيان: بضم الياء وفتح الزاي هنا، وفي الواقعة: وبذهاب العقل، فسره ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وحمزة، والكسائي: بكسرها فيهما؛ وعاصم: بفتحها هنا وكسرها في الواقعة؛ وابن أبي إسحاق: بفتح الياء وكسر الزاي. وطلحة: بفتح الياء وضم الزاي. قال ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد: {قاصرات الطرف}: قصرن الطرف على أزواجهن، لا يمتد طرفهن إلى أجنبي بقوله تعالى: {عُرُباً} وقال الشاعر:
من القاصرات الطرف لو دب محول *** من الذر فوق الخد منها لأثرا
والعين: جمع عيناء، وهي الواسعة العين في جمال. {كأنهن بيض مكنون}: شبههن، قال الجمهور: ببيض النعام المكنون في عشه، وهو الأدحية ولونها بياض به صفرة حسنة، وبها تشبه النساء فقال:
مضيئات الخدود ***
ومنه قول امرئ القيس:
وبيضة خدر لا يرام خباؤها *** تمتعت من لهو بها غير معجل
كبكر مغاناة البياض بصفرةغذاها *** نمير الماء غير المحلل
وقال السدي، وابن جبير: شبه ألوانهن بلون قشر البيضة الداخل، وهو غرقئ البيضة، وهو المكنون في كن، ورجحه الطبري وقال: وأما خارج قشر البيضة فليس بمكنون. وعن ابن عباس، البيض المكنون: الجوهر المصون، واللفظ ينبو عن هذا القول. وقالت فرقة: هو تشبيه عام جملة المرأة بجملة البيضة، أراد بذلك تناسب أجزاء المرأة، وأن كل جزء منها نسبته في الجودة إلى نوعه نسبة الآخر من أجزائها إلى نوعه؛ فنسبة شعرها إلى عينها مستوية، إذ هما غاية في نوعها، والبيضة أشد الأشياء تناسب أجزاء، لأنها من حيث حسنها في النظر واحد، كما قال بعض الأدباء يتغزل:
تناسبت الأعضاء فيه فلا ترى *** بهن اختلافاً بل أتين على قدر
وتساؤلهم في الجنة سؤال راحة وتنعم، يتذاكرون نعيمهم وحال الدنيا والإيمان وثمرته. و{فأقبل}: معطوف على {يطاف عليهم}، والمعنى: يشربون فيتحدثون على الشراب، كعادة الشراب في الدنيا.
قال الشاعر:
وما بقيت من اللذات إلا *** أحاديث الكرام على المدام
وجيء به ماضياً لصدق الإخبار به، فكأنه قد وقع. ثم حكى تعالى عن بعضهم ما حكى، يتذكر بذلك نعمه تعالى عليه، حيث هداه إلى الإيمان واعتقاد وقوع البعث والثواب والعقاب، وهو مثال للتحفظ من قرناء السوء والبعد منهم.
قال ابن عباس وغيره: كان هذا القائل وقرينه من البشر. وقالت فرقة: هما اللذان في قوله: {ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً} وقال مجاهد: كان إنسياً وجنياً من الشياطين الكفرة. وقرأ الجمهور: {من المصدقين}، بتخفيف الصاد، من التصديق؛ وفرقة: بشدها، من التصدق. قال قرة بن ثعلبة النهراني: كانا شريكين بثمانية آلاف درهم، يعبد الله أحدهما، ويقصر في التجارة والنظر؛ والآخر كان مقبلاً على ماله، فانفصل من شريكه لتقصيره، فكلما اشترى داراً أو جارية أو بستاناً ونحوه، عرضه على المؤمن وفخر عليه، فيتصدق المؤمن بنحو من ذلك ليشتري به في الجنة، فكان من أمرهما في الآخرة ما قصد الله. وقال الزمخشري: نزلت في رجل تصدق بماله لوجه الله، فاحتاج، فاستجدى بعض إخوانه، فقال: وأين مالك؟ فقال: تصدقت به ليعوضني الله في الآخرة خيراً منه، فقال: {أئنك لمن المصدقين} بيوم الدين، أو من المتصدقين لطلب الثواب؟ والله لا أعطيك شيئاً.
{أئنا لمدينون}، قال ابن عباس، وقتادة والسدي: لمجازون محاسبون؛ وقيل: لمسوسون مديونون. يقال: دانه: ساسه، ومنه الحديث: «العاقل من دان نفسه» والظاهر أن الضمير في {قال هل أنتم} عائد على قائل في قوله: {قال قائل}. قيل: وفي الكلام حذف تقديره: فقال لهذا القائل حاضروه من الملائكة: إن قرينك هذا في جهنم يعذب، فقال عند ذلك: {هل أنتم مطلعون}. والخطاب في {هل أنتم مطلعون} يجوز أن يكون للملائكة، وأن يكون لرفقائه في الجنة الذين كان هو وإياهم يتساؤلون، أو لخدمته، وهذا هو الظاهر. لما كان قرينه ينكر البعث، علم أنه في النار فقال: {هل أنتم مطلعون} إلى النار لأريكم ذلك القرين؟ وعلى هذا القول لا يحتاج الكلام إلى حذف، ولا لقول الملائكة: إن قرينك في جهنم يعذب. قيل: إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى أهل النار. وقيل: القائل {هل أنتم مطلعون} الله تعالى. وقيل: بعض الملائكة يقول لأهل الجنة: بل تحبون أن تطلعوا فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار. وقرأ الجمهور: {مطلعون}، بتشديد الطاء المفتوحة وفتح النون، واطلع بشد الطاء فعلاً ماضياً. وقرأ أبو عمرو في رواية حسين الجعفي: مطلعون، بإسكان الطاء وفتح النون، فأطلع بضم الهمزة وسكون الطاء وكسر اللام فعلاً ماضياً مبنياً للمفعول، وهي قراءة ابن عباس وابن محيصن وعمار بن أبي عمار وأبي سراج. وقرئ: فأطلع، مشدداً مضارعاً منصوباً على جواب الاستفهام. وقرئ: مطلعون، بالتخفيف، فاطلع مخففاً فعلاً ماضياً، وفاطلع مخففاً مضارعاً منصوباً. وقرأ أبو البرهسم، وعمار بن أبي عمار فيما ذكره خلف عن عمار: مطلعون، بتخفيف الطاء وكسر النون، فاطلع ماضياً مبنياً للمفعول؛ ورد هذه القراءة أبو حاتم وغيره.
لجمعها بين نون الجمع وياء المتكلم. والوجه مطلعي، كما قال، أو مخرجي هم، ووجهها أبو الفتح على تنزيل اسم الفاعل منزلة المضارع، وأنشد الطبري على هذا قول الشاعر:
وما أدري وظني كل ظن *** أمسلمني إلى قومي شراحي
قال الفراء: يريد شراحيل. وقال الزمخشري: يريد مطلعون إياي، فوضع المتصل موضع المنفصل كقوله:
هم الفاعلون الخير والآمرونه ***
أو شبه اسم الفاعل في ذلك بالمضارع لتآخ بينهما، كأنه قال: تطلعون، وهو ضعيف لا يقع إلا في الشعر. انتهى. والتخريج الثاني تخريخ أبي الفتح، وتخريجه الأول لا يجوز، لأنه ليس من مواضع الضمير المنفصل، فيكون المتصل وضع موضعه، لا يجوز هند زيد ضارب إياها، ولا زيد ضارب إياي، وكلام الزمخشري يدل على جوازه، فالأولى تخريج أبي الفتح، وقد جاء منه:
أمسلمني إلى قومي شراحي ***
وقول الآخر:
فهل فتى من سراة القوم يحملني *** وليس حاملني إلا ابن خَمال
وقال الآخر:
وليس بمعييني ***
فهذه أبيات ثبت التنوين فيها مع ياء المتكلم، فكذلك ثبتت نون الجمع معها إجراء للنون مجرى التنوين، لاجتماعهما في السقوط للإضافة. ويقال: طلع علينا فلان واطلع بمعنى واحد. ومن قرأ: فاطلع مبنياً للمفعول، فضميره القائل الذي هو المفعول الذي لم يسم فاعله، وهو متعد بالهمزة، إذ يقول: طلع زيد وأطلعه غيره. وقال صاحب اللوامح: طلع واطلع، إذا بدا وظهر؛ واطلع اطلاعاً، إذا أقبل وجاء مبنياً، ومعنى ذلك: هل أنتم مقبلون؟ فأقبل. وإن أقيم المصدر فيه مقام الفاعل بتقديره فاطلع الاطلاع، أو حرف الجر المحذوف، أي فاطلع به، لأنه اطلع لازم، كما أن أقبل كذلك. انتهى. وقد ذكرنا أن أطلع عدى بالهمزة من طلع اللازم، وأما قوله: أو حرف الجر المحذوف، أي فاطلع، به فهذا لا يجوز، لأن مفعول ما لم يسم فاعله لا يجوز حذفه، لأنه نائب عن الفاعل. فكما أن الفاعل لا يجوز حذفه دون عامله، فكذلك هذا. لو قلت: زيد ممدود أو مغضوب، تريد به أو عليه، لم يجز. و{سواء الجحيم}: وسطها، تقول: تعبت حتى انقطع سوائي. قال ابن عباس: سمي سواء لاستواء المسافة منه إلى الجوانب، يعني سواء الجحيم.
وقال خليل العصري: رآه: تبدلت حاله، فلولا ما عرفه الله به لم يعرفه، قال له عند ذلك: {تالله إن كدت لتردين}: أي لتهلكني بإغوائك. وإن مخففة من الثقيلة، يلقي بها القسم؛ وتالله قسم فيه التعجب من سلامته منه إذا كان قرينه قارب أن يرديه. {ولولا نعم ربي}: وهي توفيقه للإيمان والبعد من قرين السوء، {لكنت من المحضرين} للعذاب، كما أحضرته أنت. {أفما نحن بميتين}، قرأ زيد بن عليّ: بمائتين، والظاهر أنه من كلام القائل: يسمع قرينه على جهة التوبيخ له، أي لسنا أهل الجنة بميتين، لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا، بخلاف أهل النار، فإنهم في كل ساعة يتمنون فيها الموت.
{وما نحن بمعذبين}، كحال أهل النار، بل نحن منعمون دائماً. ويكون في خطابه ذلك منكلاً له، مقرعاً محزناً له أنعم الله به عليه من دخول الجنة، معلماً له بتباين حاله في الآخرة بحاله. كما كانتا تتباينان في الدنيا من أنه ليس بعد الموت جزاء ظهر له خلافه، يعذب بكفره بالله وإنكار البعث. ويجوز أن يكون خطاباً من القائل لرفقائه، لما رأى ما نزل بقرينه، وقفهم على نعمه تعالى في ديمومة خلودهم في الجنة ونعيمهم فيها. ويتصل قوله: {إن هذا} إلى قوله: {العاملون} بهذا التأويل أيضاً، لا واضحاً خطاباً لرفقائه. ويجوز أن يكون تم كلامه عند قوله: {لتردين}، ويكون {أفما نحن} إلى {بمعذبين} من كلامه وكلام رفقائه، وكذلك {إن هذا} إلى {العاملون}: أي إن هذا الأمر الذي نحن فيه من النعيم والنجاة من النار. وقيل: هو من قول الله تعالى، تقريراً لقولهم وتصديقاً له وخطاباً لرسول الله وأمّته، ويقوي هذا قوله: {لمثل هذا فليعمل العاملون}، والآخرة ليست بدار عمل، ولا يناسب ذلك قول المؤمن في الآخرة إلا على تجوز، كأنه يقول: لمثل هذا ينبغي أن يعمل العاملون. وقال الزمخشري: الذي عطف عليه الفاء محذوف معناه: أنحن مخلدون؟ أي منعمون، فما نحن بميتين ولا معذبين. انتهى. وتقدم من مذهبه أنه إذا تقدمت همزة الاستفهام، وجاء بعدها حرف العطف بضمير ما، يصح به إقرار الهمزة والحرف في محليهما اللذين وقعا فيهما، ومذهب الجماعة أن حرف العطف هو المقدم في التقدير، والهمزة بعده، ولكنه لما كانت الهمزة لها صدر الكلام قدمت، فالتقدير عند الجماعة. فأما وقد رجع الزمخشري إلى مذهب الجماعة، وتقدم الكلام معه في ذلك.


لما انقضت قصة المؤمن وقرينه، وكان ذلك على سبيل الاستطراد من شيء إلى شيء، عاد إلى ذكر الجنة والرزق الذي أعده الله فيها لأهلها فقال: أذلك الرزق {خير نزلاً}؟ والنزل ما يعد للأضياف، وعادل بين ذلك الرزق وبين {شجرة الزقوم}. فلاستواء الرزق المعلوم يحصل به اللذة والسرور، وشجرة الزقوم يحصل بها الألم والغم، فلا اشتراك بينهما في الخيرية. والمراد تقرير قريش والكفار وتوقيفهم على شيئين، أحدهما فاسد. ولو كان الكلام استفهاماً حقيقة لم يجز، إذ لا يتوهم أحد أن في شجرة الزقوم خيراً حتى يعادل بينهما وبين رزق الجنة. ولكن المؤمن، لما اختار ما أدّى إلى رزق الجنة، والكافر اختار ما أدّى إلى شجرة الزقوم، قيل ذلك توبيخاً للكافرين وتوقيفاً على سوء اختيارهم. {إنا جعلناها فتنة للظالمين}، قال قتادة، ومجاهد، والسدي: أبو جهل ونظراؤه، لما نزلت قال للكفار، يخبر محمد عن النار أنها تنبت الأشجار، وهي تأكلها وتذهبها، ففتنوا بذلك أنفسهم وجملة أتباعهم. وقال أبو جهل: إنما الزقوم: التمر بالزبد، ونحن نتزقمه. وقيل: منبتها في قعر جهنم، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها. واستعير الطلع، وهي النخلة، لما تحمل هذه الشجرة، وشبه طلعها بثمر شجرة معروفة يقال لثمرها رؤوس الشياطين، وهي بناحية اليمن يقال لها الاستن، وذكرها النابغة في قوله:
تحيد من استن سود أسافله *** مشي الإماء الغوادي تحمل الحزما
وهو شجر خشن مر منكر الصورة، سمت ثمره العرب بذلك تشبها برؤوس الشياطين، ثم صار أصلاً يشبه به. وقيل: هو شجرة يقال لها الصوم، ذكرها ساعدة بن حوبة الهذلي في قوله:
موكل بشدوف الصوم يرقبها *** من المناظر مخطوف الحشازرم
وقيل: الشياطين صنف من الحيات ذوات أعراف، ومنه:
عجيز تحلف حين أحلف *** كمثل شيطان الحماط أعرف
وقيل: شبه بما اشتهر في النفوس من كراهة رؤوس الشياطين وقبحها، وإن كانت غير مرئية، ولذلك يصورون الشيطان في أقبح الصور. وإذا رأوا أشعث منتفش الشعر قالوا: كأنه وجه شيطان، وكأن رأسه رأس شيطان، وهذه بخلاف الملك، يشبهون به الصورة الحسنة. وكما شبه امرؤ القيس المسنونة الزرق بأنياب الغول في قوله:
ومسنونة زرق كأنياب أغوال *** وإن كان لم يشاهد تلك الأنياب
وهذا كله تشبيه تخييلي. والضمير في منها يعود على الشجرة، أي من طلعها. وقرأ الجمهور: {لشوباً} بفتح الشين؛ وشيبان النحوي: بضمها. وقال الزجاج: الفتح للمصدر والضم للاسم، يعني أنه فعل بمعنى مفعول، أي مشوب، كالنقص بمعنى المنقوص. وفسر بالخلط والحميم الماء السخن جداً، وقيل: يراد به هنا شرابهم الذي هو طينة الخبال صديدهم وما ساح منهم. ولما ذكر أنهم يملأُون بطونهم من شجرة الزقوم للجوع الذي يلحقهم، أو لإكراههم على الأكل وملء البطون زيادة في عذابهم، ذكر ما يسقون لغلبة العطش، وهو ما يمزج لهم من الحميم.
ولما كان الأكل يعتقبه ملء البطن، كان العطف بالفاء في قوله: {فمالئون}. ولما كان الشرب يكثر تراخيه عن الأكل، أتي بلفظ ثم المقتضية المهلة، أو لما امتلأت بطونهم من ثمرة الشجرة، وهو حار، أحرق بطونهم وعطشهم، فأخر سقيهم زماناً ليزدادوا بالعطش عذاباً إلى عذابهم، ثم سقوا ما هو أحر وآلم وأكره.
{ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم}: لما ذهب بهم من منازلهم التي أسكنوها في النار إلى شجرة الزقوم للأكل والتملؤ منها والسقي من الحميم ونواحي رجوعهم إلى منازلهم، دخلت ثم لدلالة على ذلك، والرجوع دليل على الانتقال في وقت الأكل والشرب إلى مكان غير مكانهما، ثم ذكر تعالى حالهم في تقليد آبائهم. والضمير لقريش وأن ذلك التقليد كان سبباً لاستحقاقهم تلك الشدائد، أي وجدوا آباءهم ضالين، فاتبعوهم على ضلالتهم، مسرعين في ذلك لا يثبطهم شيء. ثم أخبر بضلال أكثر من تقدم من الأمم، هذا وما خلت أزمانهم من إرسال الرسل، وإنذارهم عواقب التكذيب. وفي قوله: {فانظر} ما يقتضي إهلاكهم وسوء عاقبتهم، واستثنى المخلصين من عباده، وهم الأقل المقابل لقوله: {أكثر الأولين}، والمعنى: إلا عباد الله، فإنهم نجوا. ولما ذكر ضلال الأولين، وذكر أولهم شهرة، وهم قوم نوح، عليه السلام، تضمن أشياء منها: الدعاء على قومه، وسؤاله النجاة، وطلب النصرة. وأجابه تعالى في كل ذلك إجابة بلغ بها مراده. واللام في {فلنعم} جواب قسم كقوله:
يميناً لنعم السيدان وجدتما ***
والمخصوص بالمدح محذوف تقديره: فلنعم المجيبون نحن، وجاء بصيغة الجمع للعظمة والكبرياء لقوله: {فقدرنا فنعم القادرون} و{الكرب العظيم}، قال السدي: الغرق، ومنه تكذيب الكفرة وركوب الماء، وهوله، وهم فصل متعين للفصيلة لا يحتمل غيره. قال ابن عباس، وقتادة: أهل الأرض كلهم من ذرية نوح. وفي الحديث: «أنه عليه السلام قرأ {وجعلنا ذريتهم هم الباقين} فقال: سام وحام ويافث» وقال الطبري: العرب من أولاد سام، والسودان من أولاد حام، والترك وغيرهم من أولاد يافث. وقالت فرقة: أبقى الله ذرية نوح ومد في نسله، وليس الناس منحصرين في نسله، بل في الأمم من لا يرجع إليه.
{وتركنا عليه في الآخرين}: أي في الباقين غابر الدهر؛ ومفعول تركنا محذوف تقديره ثناء حسناً جميلاً في آخر الدهر، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي، وسلام. رفع بالابتداء مستأنف، سلم الله عليه ليقتدي بذلك البشر، فلا يذكره أحد من العالمين بسوء. سلم تعالى عليه جزاء على ما صبر طويلاً، من أقوال الكفرة وإذايتهم له. وقال الزمخشري: {وتركنا عليه في الآخرين}، هذه الكلمة، وهي {سلام على نوح في العالمين} يعني: يسلمون عليه تسليماً، ويدعون له، وهو الكلام المحكي، كقولك: قرأت سورة أنزلناها. انتهى. وهذا قول الفراء وغيره من الكوفيين، وهذا هو المتروك عليه، وكأنه قال: وتركنا على نوح تسليماً يسلم به عليه إلى يوم القيامة. انتهى. وفي قراءة عبدالله: سلاماً بالنصب، ومعنى في العالمين: ثبوت هذه التحية مثبوتة فيهم جميعاً، مدامة عليه في الملائكة، والثقلين يسلمون عليه عن آخرهم. ثم علل هذه التحية بأنه كان محسناً، ثم علل إحسانه بكونه مؤمناً، فدل على جلاله الإيمان ومحله عند الله. {ثم أغرقنا الآخرين}: أي من كان مكذباً له من قومه، لما ذكر تحياته ونجاة أهله، إذ كانوا مؤمنين، ذكر هلاك غيرهم بالغرق.


والظاهر عود الضمير في {من شعيته} على نوح، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي، أي ممن شايعه في أصول الدين والتوحيد، وان اختلفت شرائعهما، أو اتفق أكثرهما، أو ممن شايعه في التصلب في دين الله ومصابرة المكذبين. وكان بين نوح وإبراهيم ألفا سنة وستمائة وأربعون سنة، وبينهما من الأنبياء هود وصالح، عليهما السلام. وقال الفراء: الضمير فى {من شعيته} يعود على محمد صلى الله عليه وسلم والأعرف أن المتأخر في الزمان هو شيعة للمتقدم، وجاء عكس ذلك في قول الكميت:
وما لي إلا آل أحمد شيعة *** ومالي إلا مشعب الحق مشعب
جعلهم شيعة لنفسه. وقال الزمخشري: فإن قلت: بم يتعلق الظرف؟ قلت: بما في الشيعة من معنى المشايعة، يعني: وإن ممن شايعه على دينه وتقواه حين جاء ربه بقلب سليم لإبراهيم، أو بمحذوف، وهو اذكر. انتهى. أما التخريج الأول فلا يجوز، لأن فيه الفضل بين العامل والمعمول بأجنبي، وهو قوله: {لإبراهيم}، لأنه أجنبي من شيعته ومن إذ، وزاد المنع، إذ قدره ممن شايعه حين جاء لإبراهيم. وأيضاً فلام التوكيد يمنع أن يعمل ما قبلها فيما بعدها. لو قلت: إن ضارباً بالقادم علينا زيداً، وتقديره: ضارباً زيداً لقادم علينا، لم يجز. وأما تقديره اذكر، فهو المعهود عند المعربين. ومجيئه ربه بقلب سليم: إخلاصه الدين لله، وسلامة قلبه: براءته من الشرك والشك والنقائص التي تعتري القلوب من الغل والحسد والخبث والمكر والكبر ونحوها. قال عروة بن الزبير: لم يعلن شيئاً قط. وقيل: سليم من الشرك ولا معنى للتخصيص. وأجازوا في نصب {أئفكاً} وجوها: أحدها: أن يكون مفعولاً بتريدون، والتهديد لأمته، وهو استفهام تقرير، ولم يذكر ابن عطية غير هذا الوجه، وذكره الزمخشري قال: فسر الإفك بقوله: آلهة من دون الله، على أنها إفك في أنفسهم. والثاني: أن يكون مفعولاً من أجله أي: تريدون آلهة من دون الله فكاً، وآلهة مفعول به، وقدمه عناية به، وقدم المفعول له على المفعول به، لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم، وبدأ بهذا الوجه الزمخشري. والثالث: أن يكون حالاً، أي أتريدون آلهة من دون الله آفكين؟ قاله الزمخشري، وجعل المصدر حالاً لا يطرد إلا مع أما في نحو: أما علماً فعالم.
{فما ظنكم برب العالمين}: استفهام توبيخ وتحذير وتوعد، أي: أي شيء ظنكم بمن هو يستحق لأن تعبدوه، إذ هو رب العالمين حتى تركتم عبادته وعدلتم به الأصنام؟ أي: أيّ شيء ظنكم بفعله معكم من عقابكم، إذ قد عبدتم غيره؟ كما تقول: أسأت آل فلان، فما ظنك به أن يوقع بك خيراً ما أسأت إليه؟ ولما وبخهم على عبادة غير الله، أراد أن يريهم أن أصنامهم لا تنفع ولا تضر، فعهد إلى ما يجعله منفرداً بها حتى يكسرها ويبين لهم حالها وعجزها.
{فنظر نظرة في النجوم}، والظاهر أنه أراد علم الكواكب، وما يعزي إليها من التأثيرات التي جعلها الله لها. والظاهر أن نظره كان فيها، أي في علمها، أو في كتابها الذي اشتمل على أحوالها وأحكامها. قيل: وكانوا يعانون ذلك، فأتاهم من الجهة التي يعانونها، وأوهمهم بأنه استدل بأمارة في علم النجوم أنه سقيم، أي يشارف السقم. قيل: وهو الطاعون، وكان أغلب الأسقام عليهم إذ ذاك، وخافوا العدوى وهربوا منه إلى عيدهم، ولذلك قال: {فتولوا عنه مدبرين}، قال معناه ابن عباس، وتركوه في بيت الأصنام ففعل ما فعل. وقيل: كانوا أهل رعاية وفلاحة، وكانوا يحتاجون إلى علم النجوم. وقيل: أرسل إليهم ملكهم أن غداً عيدنا، فاحضر معنا، فنظر إلى نجم طالع فقال: إن يطلع مع سقمي. وقيل: معنى {فنظر نظرة في النجوم}، أي فيما نجم إليه من أمور قومه وحاله معهم، ومعنى: {فتولوا عنه مدبرين}، أي لكفرهم به واحتقارهم له، وقوله: {إني سقيم}، من المعاريض، عرض أنه يسقم في المآل، أي يشارف السقم. قيل: وهو الطاعون، وكان أغلب، وفهموا منه أنه ملتبس بالسقم، وابن آدم لا بد أن يسقم، والمثل: كفى بالسلامة داء. قال الشاعر:
فدعوت ربي بالسلامة جاهداً *** ليصحني فإذا السلامة داء
ومات رجل فجأة، فاكتنف عليه الناس فقالوا: مات وهو صحيح، فقال أعرابي: أصحيح من الموت في عنقه؟ {فراغ إلى آلهتهم}: أي أصنامهم التي هي في زعمهم آلهة، كقوله: {أين شركائي} وعرض الأكل عليها. واستفهامها عن النطق هو على سبيل الهزء، لكونها منحطة عن رتبة عابديها، إذ هم يأكلون وينطقون. وروي أنهم كانوا يضعون عندها طعاماً، ويعتقدون أنها تصيب منه شيئاً، وإنما يأكله خدمتها. {فراغ عليهم ضرباً باليمين}: أي أقبل عليهم مستخفياً ضارباً، فهو مصدر فى موضع الحال، أو يضربهم ضرباً، فهو مصدر فعل محذوف، أو ضمن فراغ عليهم معنى ضربهم، وباليمين: أي يمين يديه. قال ابن عباس: لأنها أقوى يديه أو بقوته، لأنه قيل: كان يجمع يديه في الآلة التي يضربها بها وهي الفأس. وقيل: سبب الحلف الذي هو: {وتالله لأكيدن أصنامكم} وقرأ الجمهور: {يزفون}، بفتح الياء، من زف: أسرع، أو من زفاف العروس، وهو التمهل في المشية، إذ كانوا في طمأنينة أن ينال أصنامهم شيء لعزتهم. وقرأ حمزة، ومجاهد، وابن وثاب، والأعمش: بضم الياء، من أزف: دخل في الزفيف، فهي للتعدي، قاله الأصمعي. وقرأ مجاهد أيضاً، وعبد الله بن يزيد، والضحاك، ويحيى بن عبد الرحمن المقري، وابن أبي عبلة: يزفون مضارع زف بمعنى أسرع. وقال الكسائي، والفراء: لا نعرفها بمعنى زف. وقال مجاهد: الوزيف: السيلان.
وقرئ: يزفون مبنياً للمفعول. وقرئ: يزفون بسكون الزاى، من زفاه إذا حداه، فكان بعضهم يزفو بعضاً لتسارعهم إليه. وبين قوله: {فراغ عليهم ضرباً باليمين} وبين قوله: {فأقبلوا عليه يزفون} جمل محذوفة هي مذكورة في سورة اقترب، ولا تعارض بين قوله: {فأقبلوا عليه يزفون} وبين سؤالهم {من فعل هذا بآلهتنا} وأخبار من عرض بأنه إبراهيم كان يذكر أصنامهم، لأن هذا الإقبال كان يقتضي تلك الجمل المحذوفة، أي فأقبلوا إليه، أي إلى الإنكار عليه في كسر أصنامهم وتأنيبه على ذلك. وليس هذا الإقبال من عندهم، بل بعد مجيئهم من عندهم جرت تلك المفاوضات المذكورة في سورة اقترب.
واستسلف الزمخشري في كلامه أشياء لم تتضمنها الآيات، صارت الآيات عنده بها كالمتناقضة. قال، حيث ذكر ههنا: إنهم أدبروا عنه خيفة العدوى، فلما أبصروه يكسر أصنامهم، أقبلوا إليه متبادرين ليكفوه ويقعوا به. وذكرتم أنهم سألوا عن الكاسر حتى قيل: سمعنا إبراهيم يذمهم، فلعله هو الكاسر. ففي إحداهما أنهم شاهدوه يكسرها، وفي الآخرى أنهم استدلوا بذمه على أنه الكاسر. انتهى. ما أبدى من التناقض، وليس في الآيات ما يدل على أنهم أبصروه يكسرهم، فيكون فيه كالتناقض. ولما قرر أنه كالتناقض قال: قلت فيه وجهان: أحدهما: أن يكون الذين أبصروه وزفوا إليه نفراً منهم دون جمهورهم وكبرائهم، فلما رجع الجمهور والعلية من عندهم إلى بيت الأصنام ليأكلوا الطعام الذي وضعوه عندها لتبرك عليه ورأوها مكسورة، اشمأزوا من ذلك وسألوا من فعل هذا بها؟ لم ينم عليه أولئك النفر نميمة صريحة، ولكن على سبيل التورية والتعريض بقولهم: سمعنا فتى يذكرهم لبعض الصوارف. والثاني: أن يكسرها ويذهب ولا يشعر بذلك أحد، ويكون إقبالهم إليه يزفون بعد رجوعهم من عيدهم، وسؤالهم عن الكاسر، وقولهم: {قالوا فأتوا به على أعين الناس} انتهى. وهذا الوجه الثاني الذي ذكر هو الصحيح.
{قال أتعبدون ما تنحتون}: استفهام توبيخ وإنكار عليهم، كيف هم يعبدون صوراً صوّروها بأيديهم وشكلوها على ما يريدون من الأشكال؟ {والله خلقكم وما تعملون}: الظاهر أن ما موصولة بمعنى الذي معطوفة على الضمير في خلقكم، أي أنشأ ذواتكم وذوات ما تعملون من الأصنام، والعمل هنا هو التصوير والتشكيل، كما يقول: عمل الصائغ الخلخال، وعمل الحداد القفل، والنجار الخزانة؛ ويحمل ذلك على أن ما بمعنى الذي يتم الاحتجاج عليهم، بأن كلاً من الصنم وعابده هو مخلوق لله تعالى، والعابد هو المصور ذلك المعبود، فكيف يعبد مخلوق مخلوقاً؟ وكلاهما خلق الله، وهو المنفرد بإنشاء ذواتهما. والعابد مصور الصنم معبوده. و «ما» في: {وما تنحتون} بمعنى تأذى، فكذلك في {وما تعملون}، لأن نحتهم هو عملهم. وقيل: ما مصدرية، أي خلقكم وعملكم، وجعلوا ذلك قاعدة على خلق الله أفعال العباد. وقد بدد الزمخشري تقابل هذه المقالة بما يوقف عليه في كتابه. وقيل: ما استفهام إنكاري، أي: وأي شيء تعملون في عبادتكم أصناماً تنحتونها؟ أي لا عمل لكم يعتبر. وقيل: ما نافية، أي وما أنتم تعملون شيئاً في وقت خلقكم ولا تقدرون على شيء. وكون ما مصدرية واستفهامية ونعتاً، أقوال متعلقة خارجة عن طريق البلاغة. ولما غلبهم إبراهيم، عليه السلام، بالحجة، مالوا إلى الغلبة بقوة الشوكة والجمع فقالوا: {ابنوا له بنياناً}، أي في موضع إيقاد النار. وقيل: هو المنجنيق الذي رمي عنه. وأرادوا به كيداً، فأبطل الله مكرهم، وجعلهم الأخسرين الأسفلين، وكذا عادة من غلب بالحجة رجع إلى الكيد.

1 | 2 | 3 | 4